لم يعد ياسين بونو حارس مرمى الهلال السعودي و المنتخب الوطني المغربي ،مجرد حارس مرمى متألق، بل تحوّل إلى أيقونة حقيقية لحراسة المرمى المغربية، بعدما نجح في كسر رقم أسطورة بحجم بادو الزاكي، وأصبح أكثر حارس مغربي حفاظًا على شباك نظيفة في تاريخ كأس الأمم الإفريقية، في إنجاز يختزل مسيرة من الثبات والهدوء والعظمة.
ما يقدّمه بونو داخل المستطيل الأخضر يتجاوز حدود التصديات وردّات الفعل، فهو حارس يزرع الطمأنينة في قلوب زملائه قبل أن يربك خصومه.
هدوء بونو، تمركزه الذكي، قراءته المسبقة للكرة، وقدرته على تنظيم الخط الخلفي، تجعل المنتخب المغربي يدخل كل مباراة بأفضلية ذهنية قبل أن تكون فنية، فمع بونو، تشعر أن المرمى محصّن، وأن الخصم مطالب بمضاعفة الجهد، وربما الحظ، حتى يفكر في التسجيل.
سبع شباك نظيفة ليست مجرد رقم، بل دليل على منظومة دفاعية يقودها حارس يعرف تمامًا متى يخرج، ومتى يغلق الزاوية، ومتى يقتل حماس المهاجم بنظرة واثقة قبل التصدي.
ولهذا لم يعد تفوق المغرب دفاعيًا في القارة الإفريقية أمرًا عابرًا، بل هو نتيجة طبيعية لوجود حارس من طراز عالمي يقف خلف الدفاع.
والأجمل في القصة، تلك المفارقة العميقة التي تربط الماضي بالحاضر؛ بونو وبادو الزاكي، اسمان كبيران خرجا من مدرسة الوداد الرياضي العريقة، بل إن الزاكي نفسه كان وراء اكتشاف ياسين بونو، ورافقه خلال فترة إشرافه على المنتخب الوطني، وكأن القدر أراد أن يسلّم المشعل من أسطورة إلى أسطورة.
اليوم، يضع ياسين بونو اسمه بين الكبار، ويتجاوز رمزًا تاريخيًا دون أن يلغي قيمته، ليؤكد أن الجيل الحالي لا يكتفي بحفظ الذاكرة، بل يكتب فصولًا جديدة أكثر إشراقًا.
حارس عالمي، أرقام ناطقة، وثقة تجعل القادم أعظم… هكذا يُصنع المجد بين القائمين.




