يواصل عز الدين أوناحي كتابة فصله الجديد مع جيرونا بأسلوب يؤكد أن الموهبة الحقيقية لا تموت مهما تعثّرت خطواتها. فالدولي المغربي، الذي وصل كصفقة في اللحظات الأخيرة، تحوّل في ظرف قصير إلى اللاعب الأفضل في المجموعة، والعقل المضيء الذي أعاد لفريق المدرب ميشيل توازنه وجرأته الهجومية.
أمام ريال مدريد، قدّم أوناحي واحداً من أكثر عروضه توهجاً هذا الموسم، أداءً أربك تشابي ألونسو وجعل جماهير “مونتيليفي” تهتف باسمه دون توقف.
كان جيرونا في حاجة إلى لاعب يملك القدرة على تقديم شيء مختلف، إلى من يجيد الدخول بين الخطوط ويتحمل مسؤولية المغامرة في المساحات الخطرة. وقد وجد ضالته في أوناحي الذي عاد سريعاً إلى النسخة التي خطفت الأنظار في مونديال قطر، حيث سحر كبار مدربي أوروبا حينها.
وبعد تسعة مباريات فقط، يسجل ثلاثة أهداف، يصنع واحداً، ويمنح الفريق عدداً لا يحصى من اللمسات الفنية الحاسمة، ليصبح دون مبالغة “كنز جيرونا” الجديد.
فرحلة اللاعب لم تكن سهلة. بعد انتقاله إلى مارسيليا مقابل 8 ملايين يورو مطلع 2023، بدأ أداؤه يتراجع بالتزامن مع مشاكل شخصية وإصابة مؤثرة، ثم غادر معاراً إلى اليونان بحثاً عن دقائق لعب.
ولم ينسجم هناك كما يجب، لكنه ترك بصمة محترمة بهدفين وثلاث تمريرات حاسمة. إلا أن التحول الحقيقي جاء في كتالونيا، حيث وجد البيئة التي تسمح بعودة شرارته.
أهدافه الثلاثة هذا الموسم كانت من ذهب: ضد أتلتيك بيلباو، أوفييدو، ثم ريال مدريد، وهي أهداف منحت جيرونا ثلاث نقاط حاسمة في مسار الهروب من مناطق الخطر.
وأمام الفريق الملكي، اقترب من التسجيل أولاً بتسديدة مرت بجانب القائم، قبل أن يفجر شباك كورتوا بقذيفة رائعة في الزاوية العليا بعد تمريرة متقنة من تسيغانكوف، لقطة أذهلت جماهير “مونتيليفي” وأربكت لاعبي ريال مدريد قبل أن يعود الأخير بنقطة عبر ركلة جزاء.
ومن جهة أخرى يعترف أوناحي اليوم دون مواربة بأنه لم يكن يعمل بما يكفي في مرحلة مارسيليا، وأن الفترة كانت صعبة بسبب ظروف شخصية وإصابة أرهقته. لكنه يعود الآن ليثبت أن توهجه في المونديال لم يكن شرارة عابرة ولا وهماً مؤقتاً، بل حقيقة تعود للسطوع حين يجد اللاعب المكان المناسب.
و في جيرونا، يبدو أوناحي وكأنه استعاد نفسه، أو ربما وجد النسخة الأكثر نضجاً منها. لاعب حاسم، متعدد المراكز، يقدم كرة قدم جميلة وفعالة، ويمنح فريقه ما ينقصه: الجرأة، الخيال، والحلول في الأوقات التي يختنق فيها اللعب. باختصار… أوناحي عاد، وبقوة، ليعلن أن السقوط مسموح في كرة القدم، لكن الاستسلام ممنوع.




