
مهما كان انتماء الانسان يوم أمس سيقف احتراما لهذا الرجل كارلو أنشيلوتي مدرب ريال مدريد الإسباني، الذي تمكن من إيقاف كل مخططات بيب غوارديولا و مانشيستر سيتي الإنجليزي، باعثا روح لعب الكرة الإيطالية من جديد، هذه التجربة الدفاعية التي مهما تطورت كرة القدم إلا ويعود إلى تطبيقها المدربون لما لها من نجاحات حقيقية على أرض الواقع، الريال لم يخرج من مناطقه إلا ناذرا لأنه يعلم علم اليقين بأن الخروج سيكلفه الخروج من دور الربع وهذا أمر غير مقبول من زعيم الكرة العالمية وملكها، ودبر مدربه المباراة بحكمة كبيرة وكأنها معركة حرب وكان له ما أراد.
في المقابل لم يتعلم بيب غوارديولا حتى الآن من أخطاء الماضي وخاصة عندما يتعلق الأمر بالفكر الإيطالي، فعادة ما يفشل أمام الباب المسدود ولا يجد الحلول النهائية، كما حدث أيام برشلونة الإسباني ومواجهة إنتر ميلان الإيطالي مع الظاهرة جوزيه مورينهو، أول مدرب يقهر كرة برشلونة ويقتل متعتها رغم الفارق الكبير ما بين البارسا و الإنتر.
قد يعتقد البعض بأن الدفاع و التراجع إلى الخلف ضعف وعدم قدرة على المواجهة، إلا أن الأمور لا تسير بهذا الشكل وعلى العكس من ذلك تماماً فإن خطط الدفاع تكون أكثر خطورة ولا يتقنها الا مدرب شجاع قادر على رص صفوف فريقه وتكوين جدار يصعب اختراقه، وقد أكدت هذه الخطة الإيطالية عبر الزمن فعاليتها الكبيرة في الكثير من المعارك، ولولاها لما كانت إيطاليا المعروفة بدفاعاتها متوجة بأربعة القاب، فيما منتخبات أخرى لها لقب يثيم أو أنها ما تزال تبحث عن ذاتها.
في صباح اليوم وانا اتابع التدوينات وردود الأفعال وجدت الكثير من محبي الفرجة و اللعب و انتقاد اسلوب وليد الركراكي في كأس العالم قطر، يهللون لتأهل ريال مدريد الإسباني لنصف نهائي دوري أبطال أوروبا، و للمستوى الفني الكبير الذي أدار به كارليتو المباراة، وقهره لرجال بيب غوارديولا بهلاند و فودين و سليفا ودي بروين وكل النجوم، في مقابل ذلك لم تعجبهم طريقة وليد في المونديال الذي وقف بشجاعة أمام خصوم من العيار الثقيل ونجح في إدارة المعركة باقتدار، مانحا المغرب شرف التواجد بين الأربعة الكبار عالميا، لكن ما اكتشفته حقيقة، إن الأسلوب الدفاعي الإيطالي حرام على البعض وحلال الآخر، حسب الأهواء و الجنسيات و الانتصار للآخر.
عندما تنظر إلى مباراة الريال و السيتي يوم أمس تعرف قيمة الخطة الدفاعية التي لعب بها وليد الركراكي مونديال قطر، فلو لم ينجح في تحصين الدفاع و اللعب على المرتدات لبقيت تعويدتنا الشهيرة المتواترة “وا لعبنا كورة وتفرجنا ومجابش الله، الفار ظلمنا و الحكم تعدا علينا”، إذا فلا أرى سببا يجعل البعض من أبناء جلدتنا من الجسم الإعلامي ينتصرون لإنجاز انشيلوتي و ينتقصون مما حققه وليد الركراكي، و يبحثون عن” الأداء ” ليظهروا حنكتهم في التحليل الفني وعشقهم للفراجة التي لا تجلب الألقاب و الإنجازات.
كل إنجاز يتحقق لا ينظر إلى الطريقة التي تحقق بها بقدر ما يكتب في التاريخ ما تحقق، مانشيستر سيتي الإنجليزي لن يكتب لها استحواذها على الكرة وقدرتها على خنق الريال في مناطقه الدفاعية امتلاك الكرة طيلة اللقاء، وإنما سيكتب التاريخ مرور ريال مدريد الإسباني إلى دور النصف للمرة 33 في تاريخه، وسيكتب له تتويج جديد اذا ما تجاوز بايرن ميونخ الألماني ونجح في التفوق على خصم النهائي، سيكتب له أيضا الرقم التاريخي في عدد التتويجات الأوروبية ومعها ستأتي ألقاب أخرى، وكل هذا تحقق بأسلوب كارلو الإيطالي.