لم يكن حفل قرعة كأس العالم 2026 مجرد حدث رياضي لتحديد مجموعات المنتخبات، بل بدا وكأنه إعلان صريح عن “العصر الجديد” للفيفا، عصر تبرز فيه اللعبة الحقيقية خلف بريق الأضواء: كرة القدم لم تعد ملكاً للجماهير، بل أصبحت سلعة بيد جياني إنفانتينو وحاشيته.
تسييس مباشر وصريح
لطالما تبنت الفيفا شعار “فصل السياسة عن الرياضة”، وواجه اللاعبون والجماهير رقابة صارمة على أي رسائل سياسية. لكن عندما يتعلق الأمر بمصالح رئيسها، تبدو السياسة حاضرة وبقوة. حضور دونالد ترامب وتصدره المشهد لم يكن مصادفة، بل رسالة واضحة بأن المونديال القادم أصبح مشروعاً سياسياً وعلاقات عامة أكثر من كونه حدثاً رياضياً بحتاً.
زيادة عدد المنتخبات… الكمية تقتل النوعية
قرار رفع عدد المنتخبات إلى 48 وإقامة 104 مباريات، لم يأتِ لتحسين المستوى الفني أو تطوير اللعبة كما يزعم البعض، بل لزيادة العائدات المالية من حقوق البث والإعلانات، وتحقيق أرباح أكبر للفيفا. النتيجة: مباريات متكررة بمستوى فني متدنٍ، إرهاق اللاعبين، وتمييع قيمة التأهل إلى كأس العالم، لتحول البطولة من “حدث نخبوي عالمي” إلى “ماراثون تجاري” ممل.


تذاكر للأثرياء فقط
الأمر الأكثر إثارة للجدل هو أسعار التذاكر التي كشفت عنها الفيفا. كرة القدم، التي بدأت كرياضة للأحياء الشعبية ومتنفس للطبقات العاملة، أصبحت اليوم بعيدة عن الجماهير الحقيقية. الأسعار الفلكية تصنع حاجزاً مالياً أمام عشاق اللعبة، ليحل مكانهم جمهور من السياح والأثرياء القادرين على الدفع، في ما يبدو كعملية “استبدال” ممنهجة لمشجعي اللعبة الأصليين.
خلاصة
نجح جياني إنفانتينو في تحويل الفيفا إلى شركة ربحية، حيث لم تعد الأرقام على شاشات الحسابات البنكية مجرد أرقام، بل أصبحت هدفاً أولياً، على حساب متعة وشغف الملايين. نحن لا نرفض تطور كرة القدم، لكننا نرفض أن تتحول معشوقتنا إلى أداة بيد رجل واحد لتحقيق أرباح قياسية، في حين يُستبعد الجمهور الحقيقي الذي صنع اللعبة منذ بداياتها.




