من النادر في كرة القدم أن يحافظ منتخب إفريقي وعربي على موقعه بين كبار العالم لسنوات متتالية، لكن المنتخب الوطني المغربي كسر هذه القاعدة منذ مشاركته التاريخية في كأس العالم قطر 2022. فأسود الأطلس استطاعوا، بقيادة وليد الركراكي، الحفاظ على موقعهم ضمن Top 14 عالميًا، وهو إنجاز صعب لا يتحقق إلا بالنتائج الإيجابية والعمل المتواصل والانتصارات المتتالية.
هذا الواقع يختلف جذريًا عن تجربة 1998، حين بلغ المغرب أحد أفضل تصنيفاته العالمية، قبل أن يتراجع بشكل حاد في السنوات اللاحقة، مما وضعه في مواجهات قوية خلال تصفيات كأس العالم بألمانيا وجنوب إفريقيا. تلك الفترات شهدت معاناة كبيرة للكرة الوطنية، خصوصًا خلال “مهزلة” تصفيات جنوب إفريقيا ثم البرازيل، حيث كان تواضع التصنيف عاملاً مباشرًا في صعوبة المسار.
أما اليوم، فقد تغيرت الصورة تمامًا. فبفضل العمل على التصنيف واستمرارية النتائج، أصبحت القرعة رحيمة بالمنتخب الوطني، على عكس ما حصل مع منتخبات عريقة مثل نيجيريا والكاميرون، اللتين غابتا عن المونديال القادم بسبب مواجهات صعبة. ثبات المغرب ضمن أفضل 14 منتخبًا عالميًا يمنحه أفضلية إضافية في كأس العالم 2026، إذ يضعه مرشحًا ليكون على رأس إحدى المجموعات، وهو امتياز نادر لمنتخب إفريقي وعربي.
ورغم أهمية هذه الأرقام والإنجازات، يبقى الهدف الأكبر هو تحقيق البطولات، وعلى رأسها كأس الأمم الإفريقية التي يحتضنها المغرب. فالتاريخ لا يحتفظ بالأداء فقط، بل يسجل أسماء المتوجين.
ولتحقيق هذا الهدف، تبدو الحاجة ملحّة لتكاثف جهود الجميع: الجمهور، الإعلام، اللاعبين، الطاقم التقني، ورئيس الجامعة. فالدعم الجماهيري يمنح اللاعبين طاقة إضافية، والثقة في المشروع التقني تعزز الاستقرار، والطموح المشترك يفتح الباب أمام كتابة تاريخ جديد.
وليد الركراكي، الذي رفع دوري أبطال إفريقيا بمجموعة محدودة، يملك اليوم ترسانة من النجوم والمهارات القادرة على التتويج. أما فوزي لقجع، الذي يسعى لإضافة لقب قاري مهم لسجله الإداري، فلن يتردد في اتخاذ أي قرار يراه ضروريًا إن فقد الثقة في المشروع، لكنه يواصل دعم الطاقم التقني إيمانًا منه بقدرتهم على النجاح.
وبين الحلم والطموح، يقف المنتخب المغربي اليوم أمام فرصة ذهبية: لقب قاري طال انتظاره، وتاريخ جديد جاهز ليُكتب، وشعب يؤمن بأن كأس إفريقيا ستبقى في أرض المرابطين.
