تتجه أنظار الجماهير المغربية مجددًا نحو أوروبا، حيث ترددت أنباء قوية في وسائل الإعلام الوطنية عن اقتراب الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم من حسم أحد أهم الملفات العالقة منذ فترة طويلة، والمتعلق بمتوسط ميدان نادي ليل الفرنسي أيوب بوعدي، الذي يُعد من أبرز المواهب الصاعدة في سماء الكرة الفرنسية.
وبحسب ما أوردته صحيفة “المنتخب” نقلًا عن مصادر فرنسية ومغربية متطابقة، فإن اللاعب الشاب، البالغ من العمر 18 عامًا، أصبح قريبًا من وضع حدٍ نهائي لمسألة مستقبله الدولي، بعدما قرر التخلي عن فكرة تمثيل منتخب فرنسا، مفضلًا السير على خطى نجوم من طينة أشرف حكيمي وإبراهيم دياز وسفيان أمرابط، الذين اختاروا رفع راية أسود الأطلس على حساب منتخبات أخرى.
تشير التقارير إلى أن بوعدي توصل إلى اتفاق شبه نهائي مع وسطاء رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم فوزي لقجع، يقضي بانضمامه إلى مشروع المدرب الوطني وليد الركراكي، على أن يبدأ مشواره مع المنتخب المغربي خلال أول معسكر دولي في بداية العام الجديد.
هذا يعني أن نجم ليل لن يكون حاضرًا في قائمة المغرب الخاصة ببطولة كأس الأمم الأفريقية 2025، التي تستضيفها المملكة ما بين ديسمبر المقبل ويناير القادم، على أن يبدأ رسميًا مرحلة الاندماج في صفوف الأسود بعد نهاية العرس القاري.
وفي السياق ذاته، أكدت منصة “أنا الخبر” أن اللاعب المولود في مدينة سانلي الفرنسية لم يتراجع مطلقًا عن قراره بتمثيل المغرب، بل طلب من الجهاز الفني بقيادة الركراكي تأجيل انضمامه الرسمي إلى ما بعد نهائيات كأس أفريقيا، حتى يكون التحاقه بالمنتخب في ظروف مثالية، تتزامن مع التحضيرات المبكرة لكأس العالم 2026 المقررة في أمريكا الشمالية. وبذلك، سيكون معسكر شهر مارس 2026 هو الموعد المرجح لأول ظهور رسمي لبوعدي بقميص المنتخب المغربي.
ويرى محللون أن خطوة بوعدي تعكس ما وصفته الصحافة المغربية بـ“التحول الملموس” في عقلية الجيل الجديد من اللاعبين مزدوجي الجنسية، خصوصًا جيل “زد”، الذي بات ينظر إلى المنتخب المغربي كمشروع رياضي حقيقي يوازي في قيمته وطموحه كبرى المنتخبات الأوروبية.
فبالنسبة لهؤلاء، لم يعد الانتماء إلى الوطن الأم خيارًا عاطفيًا فحسب، بل أصبح قرارًا مهنيًا ورياضيًا مبنيًا على رؤية واضحة لمستقبل مشرق داخل منظومة كروية تطورت بشكل لافت في السنوات الأخيرة.
انضمام بوعدي المرتقب إلى صفوف الأسود لا يُعد مكسبًا تقنيًا فحسب، بل يحمل دلالات رمزية وثقافية عميقة، فهو تجسيد لنجاح سياسة “الانتقاء الذكي” التي ينهجها وليد الركراكي والجامعة الملكية، القائمة على منح الأولوية للاعبين الذين يختارون تمثيل الوطن عن قناعة، بدلاً من أولئك الذين يترددون أو يضعون خياراتهم الرياضية فوق ارتباطهم بالهوية المغربية. هذه السياسة، التي انطلقت بقوة بعد مونديال قطر 2022، جعلت من المنتخب المغربي واجهة جاذبة للمواهب الشابة التي ترعرعت في أعرق الأكاديميات الأوروبية، كما ساهمت في تعزيز صورة المغرب كقوة كروية صاعدة تجمع بين الأصالة والطموح العالمي.
وسواء أعلن القرار رسميًا في الأسابيع المقبلة أم تأجل إلى ما بعد كأس أفريقيا، فإن انضمام أيوب بوعدي إلى المنتخب المغربي يبدو مسألة وقت لا أكثر، خاصة في ظل اقتناعه بالمشروع الرياضي الوطني الذي يقوده وليد الركراكي بدعم مباشر من فوزي لقجع. وفي حال تم ذلك، سيكون بوعدي بلا شك إضافة نوعية لخط وسط الأسود، ووجهًا جديدًا يعزز رؤية المغرب في بناء منتخب المستقبل القادر على مقارعة كبار العالم في مونديال 2026 وما بعده.