في كرة القدم، هناك لحظات تصنعها الأرجل، وأخرى تصنعها الأيادي، فبينما اعتقد الكثيرون أن زمن الحراس العظماء قد ولّى، جاء ياسين بونو ليعيد تعريف هذه الفلسفة، ويؤكد أن قفاز الحارس قد يكون أثقل من أقدام المهاجمين حين يحين وقت الحقيقة.
ياسين بونو، الحارس المغربي الذي صار رمزًا لأمة المغرب رفقة أشرف حكيمي في الوقت، لم يكتفِ بأن يكون بطلًا في عيون جماهيره، بل صنع لنفسه مكانة بين أساطير اللعبة، متفوقًا على أسماء خلدها التاريخ مثل عصام الحضري، الحارس المصري الذي لطالما اعتبر أيقونة عربية وأفريقية بين خشبات المرمى.
الحضري حقق مجدًا خالصًا مع منتخب الفراعنة، وفاز بكؤوس أمم إفريقيا متتالية، وكان صخرة عصيّة أمام المهاجمين في أكبر المواعيد، لكن بونو ذهب أبعد من ذلك في ساحات أوروبية أكثر قسوة، و أكثر صعوبة مع إشبيلية، قاد فريقه لمعانقة لقب الدوري الأوروبي مرتين بتأثير و حضور حاسم، منح إمارة الأندلس مجدا لم يتوقعه أحد، بونو تفوق أيضا على كبار الليغا اولهم تيبو كورتوا ليفوز بأفضل حارس في واحد من أقوى دوريات العالم، الليغا الإسبانية.
وفي مونديال قطر مع المنتخب الوطني المغربي ،كان الجدار الذي اصطدمت به أعتى المنتخبات، أبرزها إسبانيا والبرتغال. هنا، لم يعد بونو مجرد حارس، بل صار قصة كفاح تُروى للأجيال عن شاب مغربي هاجر صغيرًا، ثم عاد من غربته ليمنح لوطنه لحظة مجد غير مسبوقة.
التفوق هنا ليس بالأرقام فقط، بل بالشعور الذي بثه بونو في الملايين: الطمأنينة، الثقة، والقدرة على تحطيم المستحيل، و إذا كان الحضري قد أوقف زيدان وتوريس، فإن بونو أوقف موراتا وكريستيانو رونالدو ثم ليونيل ميسي و لوكاكو و ارلينغ هالاند على مرات ونجوم اخرى، ليسجل اسمه على لائحة “أفضل حارس في العالم لعام 2023″، وهو إنجاز لم يعرفه أي حارس عربي من قبل، وإن لم يفز بها.
إنه تفوق جيل على جيل، لكن مع كامل الاحترام للتاريخ، يبدو أن ياسين بونو خلق لنفسه سطورًا أكبر في دفتر المجد العربي و العالمي في إنتظار تأكيد ذلك أفريقيا هذا العام على أرض المرابطين و يحمل الأميرة السمراء التي تمنعت عنا لسنوات طويلة.