لم تكن مواجهة الهلال أمام مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية مجرد مباراة عابرة، بل كانت امتحانًا قاريًا لمدى جاهزية مشروع الكرة السعودية في مواجهة عمالقة اللعبة.
وفي قلب هذا الامتحان، وقف ياسين بونو كركيزة صلبة، جسّد من خلالها مفهوم الحارس القائد، لا الحارس المتفرج.
بونو، الذي كان عرضة للانتقادات خلال الموسم الحالي، ردّ على كل التشكيك بأداء يُدرّس. لم يكن الأمر يتعلق فقط بعدد التصديات — رغم أنها بلغت أعلى معدل في البطولة حتى الآن — بل في طبيعة الكرات التي تصدى لها: من انفرادات صريحة، إلى تسديدات مركزة، وصولًا إلى تعامل متوازن مع الكرات الهوائية والتمركز داخل منطقة الجزاء.
تحليل فني للأداء:
من الناحية التكتيكية، لعب بونو دور “الليبرو المتقدم” في كثير من لحظات المباراة. كان دائمًا على مقربة من خط الدفاع، يوجه، يُصحّح، ويقرأ تحركات المهاجمين قبل أن تتشكل الفرصة. تمركزه في الكرات الثابتة كان مثاليًا، وردّة فعله السريعة في مواجهة هالاند وفودين كانت حاسمة في تغيير مجرى المباراة.
ما يُحسب لبونو أيضًا هو قراءته الذكية للزوايا والمساحات. في لحظة الهدف الثالث للسيتي مثلاً، رغم أن الكرة دخلت، إلا أن إعادة اللقطة أظهرت تمركزًا مثاليًا قلّص الزاوية إلى الحد الأدنى، ما جعل التسديدة شبه مستحيلة لولا براعة فودين.
من وجهة نظر رقمية، تصدى بونو لـ7 كرات مؤثرة داخل منطقة الجزاء، منها 4 انفرادات، ونجح في تمرير 89% من الكرات القصيرة بدقة، ما يعكس وعيًا تكتيكيًا وتحكمًا كبيرًا في الرتم.
لكن الأهم من كل ذلك، أن بونو لم يكن حارسًا فقط، بل رمزًا للثقة. أوقف بعبعًا اسمه مانشستر سيتي، وفتح باب الحلم أمام الكرة السعودية لمزيد من التوهج العالمي.
ما قدّمه ياسين بونو أمام مانشستر سيتي لم يكن مجرد تألق فردي، بل كان درسًا حيًا في الاحتراف والصلابة الذهنية. لاعب يعرف متى يرد، ومتى يصمت، ومتى يصنع الفرق. والليلة، صنع الفرق… وكتب التاريخ.
