من الأشياء الغريبة حقاً هي تلك الصورة المتباينة التي يظهر عليها أمين عدلي، مع المنتخب الوطني المغربي و فريقه باير ليفركوزن الألماني، حيث يقدم مستويات رائعة مع باير ليفركوزن تحت قيادة المدرب الإسباني تشابي ألونسو، لكن مستواه مع المنتخب المغربي لا يزال غير مقنع بنفس الدرجة، إلا إنه لم يقدم حتى الآن ذلك المستوى الذي كنا نتطلع له معه منذ قدومه لعرين الأسود، و قصة الصراعات مع منتخب فرنسا.
في اعتقادي بأن عدلي لم ينسجم كثيرا مع أسلوب المنتخب الوطني المغربي المعتمد على اللعب الجماعي و الدفاع، وهو الذي يميل إلى الفردانية نوعاً ما، ففي ليفركوزن يعتمد شافي ألونسو على أسلوب هجومي سريع يعتمد على الضغط العالي والمساحات، مما يناسب خصائص عدلي كمهاجم جناح سريع ومهاري، الأمر الذي يعطيه فرص أكبر للمناورة و الحرية.
وعلى العكس من ذلك مع المنتخب المغربي، يلعب الفريق بتكتيك أكثر تحفظًا، حيث يعتمد وليد الركراكي على التنظيم الدفاعي واللعب المباشر، مما قد يقلل من تأثير عدلي في الهجوم، وهذا ما جعل عدلي يظهر بصورة اللاعب العادي الذي لا يستحق حتي حمل قميص المنتخب، بعد الانتظار الطويل الذي انتظرناه ليختار المغرب.
يمكن أن تطرح كذلك مسألة التجانس والتكيف مع الوضع، فعدلي قضى سنوات مع ليفركوزن وهو متأقلم مع زملائه، مما يسهل عليه التألق، وفي المقابل، لم يخض الكثير من المباريات مع المغرب بعد، و الذي تشهد تشكيلته الكثير من التغيرات كل معسكر، وهذا أمر صعب بالنسبة للاعب قد يفتقد لشخصية اجتماعية تجعله منفتحا على الجميع ما يحقق الانسجام الذي يكسر كل الحواجز و يجعل اللاعب لاعب مجموعة لا فردا.
ومن جهة أخرى فقد نتحدث أيضا عن المركز الذي يمنحه له وليد الركراكي في المنتخب الوطني المغربي والدور الذي يقوم به في افي ليفركوزن، حيث عدلي يحصل على حرية أكبر في الهجوم، ويتحرك بين الخطوط بحرية، أما مع المنتخب المغربي، قد يكون دوره أكثر تقييدًا بسبب الالتزامات الدفاعية واللعب في مراكز أقل راحة له، لكن وليد تقريبا وظفه في أكثر من جهة، اليمنى و اليسرى، ولم يقدم الأداء الكبير المنتظر، مقارنة بما يملكه من مقومات تقنيه و بدنية.
أيضا يمكن أن نتحدث عن الفرق بين الضغط الذي يعيشه مع الطرفين، فمع ليفركوزن، يلعب بدون ضغط إعلامي وجماهيري كبير، بينما مع المنتخب المغربي هناك ضغوطات كبيرة من الجماهير التي تنتظر منه الكثير، بالنظر إلى التحديات التي تواجه الأسود و المحطات الصعبة التي تواجههم لكسب ورقة التأهل إلى كأس العالم أو الفوز بكأس إفريقيا، في باير يمكن أن يعوض المباراة و يتدارك الموقف لكن كل مباريات المنتخب هي مباريات سد أو نهائي.
فاللعب على المستوى الدولي مختلف عن الأندية، ويحتاج عدلي إلى مزيد من الخبرة مع المنتخب للتألق مثلما يفعل في البوندسليغا، الظروف الموجوده في ألمانيا و الخصوم يختلفون عن افريقيا، و الظروف المحيطة بالمسابقات في القارة السمراء.
لكن إذا ما استمر عدلي في الحصول على الفرص وتكيف مع أسلوب المنتخب و المدرب وليد الركراكي، فمن المتوقع أن يتحسن مستواه مع المغرب كما هو الحال مع ليفركوزن.