بعد صراع مرير مع فريقه السابق تشيلسي الإنجليزي و الخروج بتلك الطريقة، ثم الانتقال إلى الدوري التركي مع غلطة سراي التركي وما رافق الرحلة من مشاكل و إصابات، صراعات مع المدرب، اتضح جليا بأن الدولي المغربي حكيم زياش ستكون وجهته التالية نحو الخليج، وبعدها يأتي الاعتزال على خطى الكثير من اللاعبين المغاربة الذين تميز مسارهم بمحطات مهمة و آخرون مروا مرور الكرام.
من خلال مسار حكيم زياش الكروي تتضح نتيجة واحدة لا أحد ينكرها، مسار كان سيكون أفضل بكثير مما صنعه اللاعب المغربي في أوروبا ومع المنتخب المغربي، لو تميز حكيم بالحكمة في الكثير من الموافق وتجنب الاصطدام الذي دفع ثمنه غاليا في الكثير من المحطات بعد الخروج من أياكس أمستردام الهولندي.
شخصيا كنت اعتبر حكيم زياش من بين ثلاث أفضل اللاعبين العرب، و أفضلهم موهبة، خاصة بعدما وقع انتقاله إلى تشيلسي الإنجليزي، كنت اقارنه مع محمد صلاح المصري و بدرجة أقل الجزائري رياض محرز، وتمنيت لو استمر في الدوري هناك لسنوات طويلة كما فعل محرز و الفرعون المصري صلاح، لأن حلاوة كرة القدم هي اللعب على أعلى مستوى و مقارعة الكبار، لكن لم يفعل ذلك ودخل في صراع مع المدرب الألماني توماس توخيل وخسر معركة البلوز تشيلسي، ليخرج من الباب الضيق نحو مقبرة النجوم و المواهب تركيا مع عريقها و مفضلة رئيسها طيب رجب أردوغان، نادي غلطة سراي.
في غلطة سراي قلت ان الاختيار سيكون موفقا هذه المرة، و الدوري في بلال الأناضول يتناسب و إمكانيات حكيم البدنية و التقنية، خاصة بعد البداية المشجعة و الترحيب الكبير الذي لقيه ابن المغرب، لكن مرة ثانية زياش يدخل في حرب باردة مع مدرب الفريق أوكان بوروك، ويتم استبعاده لمدة طويلة، وما زاد الطين بله تعرضه لكثرة الإصابات، حينها تأكدت بأن زياش بات قريباً من الخليج ولن يعود إلى أوروبا مرة أخرى، رغم ما تم تداوله ونشره في مواقع التواصل الاجتماعي حول اهتمام رين الفرنسي و أندية إنجليزية أخرى باللاعب، ليستقر به الحال في الدحيل القطري أحد الأندية الهجينة التي لعب لها العميد السابق المهدي بنعطية و دربها المدرب وليد الركراكي مدرب المنتخب المغربي الحالي.
بالعودة إلى مجريات أحداث تواجد حكيم زياش مع المنتخب الوطني المغربي، فيمكن القول بأن هذا التواجد طبعه المد والجزر، ما بين التألق احيانا و العصيان أحيانا، القصة بدأت مع المدرب الفرنسي هيرفي رونار و تواصلت مع البوسني وحيد حليلوزيتش، لتختفي مع المدرب وليد الركراكي الذي أعاده ومنحه فرص كثيرة و الأكيد سيمنحه أيضا فرص أخرى، لكن هذه المسيرة كانت لتكون أفضل لو استغلت على نحو جيد، فزياش منذ أن أقنعه المدرب بادو الزاكي بالقدوم إلى المنتخب، كان النجم الأول بدون منازع، إلا أن هذه الخاصية لم يوظفها لصالح المجموعة و غاب عن كأس الأمم الأفريقية مرتين وحضر في واحدة نسب إليه فشلها في مصر بعد ضربة جزاء البنين الشهيرة، و خرج من معركة ساحل العاج مصابا، لكن التأثير الأكبر ظهر في تصفيات كأس العالم روسيا و عند العودة في مونديال قطر.
أقول دوما بأن معركة اللاعب و المدرب دوما تكون خاسرة بالنسبة للاعب مهما كان السبب، لأن اللاعب يدفع الثمن غاليا، خاصة وأنه في بداية مسيرته و أمامه تحديات كبيرة، كان من الممكن أن يتفهم زياش ما يريده توخيل في تشيلسي و يواصل المسيرة هناك، وأن يغلب مصلحة الوطن على المشاكل الضيقة التي تحدث بين المدربين و اللاعبين، وهنا يستحضرني مثال مهاجم منتخب السنغال ساديو ماني الذي عاش مشاكل كثيرة مع اليو سيسي لكنه قاد منتخب بلاده لرفع كأس إفريقيا، وكذلك المدرب لم يستبعده، تم تغليب المصلحة العليا على المصالح الضيقة، فلو حضر زياش مع رونار في 2017 فلربما كانت النتيجة تكون أفضل و كذلك مع وحيد حليلوزيتش، لأن المنتخب عادة ما يفتقد القائد الحقيقي على الميدان.
أظن بأن حكيم زياش يمني النفس بأن يحضر لكأس إفريقيا للأمم 2025 بالمغرب، والتي قد تكون الأخيرة له، لكن يعلم علم اليقين بأن الأمر أصبح صعبا جدا، اللاعب يحتاج إلى استعادة مستواه الحقيقي و يقدم أداء أكبر لأن المنافسة على مكان في تشكيلة وليد الركراكي في الخط الأمامي ستكون مشتعلة و الأماكن ستعرفا صراعا من نوع خاص وكما يقال “اللي فرط يكرط”.
خلاصة الكلام حكيم زياش لاعب يملك مؤهلات كبيرة ربما لم يستغلها على نحو أفضل مع الأندية التي لعب لها و المنتخب الوطني المغربي، لكن مسيرته الكروية يمكن أن نصفها رغم ما طبعها من مد و جزر بالناجحة، توج من خلالها بالعديد من الألقاب و حقق أيضا الكثير من الإنجازات، و الأهم من هذا فإن حكيم صاحب مواقف و شعبية كبيرة داخل المغرب و خارجه، ونأمل أن يستعيد كامل مستواه و يتجاوز مخلفات الماضي و يعود لبيته عرين الأسود في القريب، فاللاعب المغربي يعطي أكثر عندما يصل سن الثلاثين.