يعتبر مدرب المنتخب المغربي وليد الركراكي واحدا من أنجح المدربين المغاربة على الإطلاق منذ تأسيس الاتحاد المغربي لكرة القدم والى اليوم، المدرب الشاب حقق نتائج كبيرة ستظل محفورة في تاريخه وذاكرة الأجيال التي عاصرته و التي ستأتي من بعده، وهو في سن صغيرة مقارنة بمدربين آخرين، سواء مع المنتخب الوطني المغربي أو الأندية التي دربها من الفتح الرباطي الذي انهار بعد حقبة ذهبية معه توجها بلقبي كأس العرش و البطولة ثم الدحيل القطري حينما جعله يتربع على عرش دوري نجوم قطر ،و مرحلة الوداد الرياضي التي رصعت جيده بالذهب الإفريقي و جعلته يضيف حلقة أخرى من تتويج الفريق الأحمر بالبطولة التي وصلت 22، و أخيراً نصف النهائي في كأس العالم قطر الإنجاز الذي سيصعب تكراره مرة ثانية.
صحيح إن مسار وليد الركراكي الاحترافي لم يكن بتلك القوة ولم يلعب مع أندية كبيرة حينها، لكنه مدرب ناجح، جاء إلى المنتخب في صمت فأحدث ضجة كبيرة بعد سنوات و خلق جدلا كبيرا و مسارا حافلا، جعل البعض يبغضه بسبب شجاعته و جرأته، فيما آخرون يعتبرونه المدرب الأفضل في تاريخ الكرة المغربية، وما بين هذا وذاك يبقى الصراع محتدما بين الطرفين خلال كل توقف دولي، قبل و أثناء وبعد كل مباراة للمنتخب المغربي، مشهد لم يعشه أي مدرب من قبل، حرك المياه الجامدة في محيط التحليلات و جعل الجميع يتحولون إلى نقاد و محللين، لقد خلق رواجا تستغله معظم الصفحات و المواقع الإلكترونية و أصحاب البودكاستات و “الطابلة و الخامية” ،ودون أن انسى نفسي، فأنا أيضا ضمن كوكبة هؤلاء الا إني اسبح عكس التيار معتقدا بأني على الطريق الصحيح، بل مؤمنا بأن العمل الذي يقوم به كبير ولم يحدث منذ سنوات، وحالما بالاستقرار الذي قد يقودنا إلى التتويجات.
كانت بدايات وليد الركراكي كلاعب وسط و جناح أيمن، و لم يكن كظهير أيمن بالاختصاص كما هو حال أشرف حكيمي أو نصير وانما تم تثبيته في هذا المركز في عهد المدرب بادو الزاكي، وكان فعلا اهلا بهذا المركز منذ 2004 الى 2008، حيث حصل على جائزة أفضل ظهير ايمن في كأس الأمم الأفريقية بتونس 2004، بعد ذلك التاريخ تراجع مستواه بفعل عدة عوامل منها تغييرات المدربين وعدم استقرار نتائج المنتخب الوطني، تجاربه الاحترافية لم تكن بالناجحة ولم تكن تناسب مستوياته ليس لمستواه ولكن لعوامل أخرى لعل أبرزها عدم توفره على وكيل أعمال “منادجر” مهني محترف يعرف كيف يسوق اللاعب لذا فإن تجاربه اقتصرت على اندية متوسطة رغم العروض التي كان يتوصل بها لكن كانت توؤد في المهد نظرا لغياب قناة قادرة على تسويقه على أعلى مستوى، وهذا حال غالبية اللاعبين المغاربة للاسف.
عموما من ينتقد اللاعب السابق والمدرب الحالي وليد الركراكي فيجب أن يكون على إلمام كامل بمستواه ومساره كلاعب وكمدرب، صحيح انه ارتكب بعض الاخطاء في كلا المسارين وهذا لاينكره أحد ولكن تبقى اخطاء متقبلة وسيبقى شئنا أم أبينا على أنه أفضل من العديد من اللاعبين والمدربين الذين يعرفون سوى الانتقاد وليس اي انتقاد بل انتقاد الحقاد، منهم من لعب قبله وسبقه إلى التدريب ولم يحقق أي شيء ومنهم من جاوره وكذلك كان.
ويجرون معهم فئات واسعة من الجماهير والمتابعين والصفحات من أجل تدمير نجاحات تعتبر شعاع أمل في تاريخ الكرة المغربية لواحد من افرادها الراكراكي اللاعب كان واحد من نجوم الكرة في كان تونس 2004 الذي حصل خلاله المنتخب المغربي على المركز الثاني، ومنذ ذلك الحين ونحن نعيش الأوجاع و الضياع رغم التعاقد مع مدربين من مختلف الجنسيات متوجين و غيرهم، لكن الحال لم يتغير وبقيت دار لقمان على حالها، وفي أحسن الأحوال كنا نوهم أنفسنا طوعا و كرها بأننا نجهز جيلا جديدا سيمحوا خيبات الكرة المغربية و نبيع الوهم للجمهور بالتعاقد مع مدربين عالميين بمبالغ فلكية، ومع أول اختبار نخرج بخفي حنين و نكتب مرة ثانية “لقد كسبنا جيلا من الشباب للمستقبل”، فلا الجيل كبر ولا نحن توجنا ومع ذلك نقول اننا نملك تاريخا كبيرا أو أننا من كبار القارة بدون خجل.
لسنا هنا بصدد الدفاع عن المدرب وليد الركراكي ولا التطبيل لما قام به، لكن الحقيقة تقال جربنا كل شيء وفشلنا و لم نحقق أي شيء، جربنا التعاقد مع مدربين متوجين أفريقيا و خرجنا من الدور الأول، ولم نطرح أصل المشكل، وكانت الخطوة التالية التعاقد مع مدرب جديد لكن النتيجة هي نفسها، وعندما نمل هذه الأسطوانة نحِن لعودة بادو الزاكي فيصبح المطلب الشعبي وسيد الشارع الرياضي، وهكذا مرت الأيام و السنوات، لماذا توج روجي لومير مع تونس وفشل معنا؟ لماذا توج هيرفي رونار مع زامبيا و ساحل العاج وفشل معنا؟ ولماذا ولماذا؟
اذا كنا _نحن _ المشجعين نعيب على الركراكي استعمال العاطفة في الاختيارات و توظيف اللاعبين، فالكثير منا يخفي الموضوعية ويضعها جانبا و يستعمل العاطفة عندما يتعلق الأمر بالحديث عن المدرب، ويتلذذ بانتقاد كل صغيرة وكبيرة، حتى إن بعضهم يتمنون لو كان إنجاز كأس العالم مكتوبا على سبورة التاريخ ليمسحوه من ذاكرتنا، والبعض يعلقون بسخرية إن الإنجاز الذي تحقق وليد الصدفة جاء نتيجة قتالية اللاعبين ولا دور للمدرب في ذلك، إذا كنا نطالب وليد بالابتعاد عن العاطفة و الحب، فالأجدر بنا أن نتخلى عنها أولا، وبعدها يكون الانتقاد بموضوعية بعيدا عن الذاتية الهدامة، هذا مني سأشجعه هذا من الجهة الأخرى سأعمل على هدم مشروعه بكل الوسائل، ولا يهمنا اذا كان الإنتماء إلى البلد يعنينا فالعاطفة تعمينا، نعيب الزمان و العيب فينا.