إن ما حققه المنتخب المغربي الأولمبي في أولمبياد باريس 2024، بالوصول إلى نصف نهائي هذه المسابقة، يعتبر انجازا غير مسبوق في تاريخ الكرة المغربية، هذا التاريخ الذي طبعه التواضع و الغياب، فلم نحضر العديد من الدورات، وعند الحضور يكون اشبه بالغياب و تقتصر المشاركة على أمر عادة ما نسميه من أجل المشاركة ونعود أدراجنا بخفي حنين.
في الحقيقة الأمر أصبح مختلفا منذ الإنجاز التاريخي للمنتخب المغربي في كأس العالم بقطر مع المدرب وليد الركراكي، الذي قاد الأسود للتواجد مع الأربعة الكبار، كأول منتخب عربي وأفريقي يحقق ذلك، ولولا الظروف التي أحيطت بالمباراة و الغيابات التي ضربت عرين الأسود لكانت النتائج أكبر مما نتوقع، كل هذه المعطيات جعلت المنتخبات الوطنية تحاول محاكاة هذا الإنجاز و تتطلع لتحقيق ذلك.
فقبل عشرين عام من الأولمبياد الحالي خرج المنتخب الوطني المغربي من أولمبياد اثينا وتأهل العراق و البرتغال للدور الثاني، بعدها غاب الأشبال عن دورة بكين 2008 ولم يتمكنوا من التأهل للتواجد بالصين.
في العام 2011 حصل المغرب على تنظيم كأس الأمم الأفريقية للأولمبين وخسرها المنتخب المغربي مع الهولندي بيم فيربيك أمام منتخب الغابون الذي لم يكن احد يرشحه لذلك، ثم عنونت الصحف المحلية “خسرنا اللقب و حققنا إنجاز التأهل إلى الأولمبياد.” ،من كثرة الهزائم و الخيبات أصبح ضياع اللقب أمر عادي جدا.
بعدها سيتواجد المنتخب المغربي في أولمبياد لندن مع المدرب نفسه الذي خسر اللقب أمام الغابون، هذا المنتخب الذي اختفى ولم يعد يظهر منذ ذلك الحين، فكانت المشاركة كارثية بتواجد ثلاثي المنتخب الأول العميد الحسين خرجة ثم الحارس محمد أمسيف و الجناح نور الدين أمرابط.
بعدها لم نتأهل إلى ريو ديجانيرو في البرازيل ثم الغياب عن طوكيو اليابان، رغم فرصة الكاف التي منحها للمغرب بعد الإقصاء من الكونغو الديمقراطية و اعتبار المغرب فائزا بسبب إشراك المدافع أرسين زولا غير القانوني، هذا اللاعب الذي شاءت الأقدار أن يلعب في شباب المحمدية و الوداد، ورغم كسب الاعتراض إلا إننا لم نتأهل في مواجهة منتخب مالي.
بعد كل هذه الكوارث تقرر منح فرصة تدريب المنتخب المغربي لعصام الشرعي، بعد فترة قصيرة جدا من تولى الحسين عموتة لهذه المهمة بعد التخلي عن المحلي، وهو الذي قاد المنتخب للفوز بكأس الأمم الأفريقية بالمغرب أمام منتخب مصر العنيد في مباراة مثيرة، ليصبح بذلك أول إنجاز أفريقي يحققه الأولمبي المغربي طيلة مشاركاته الأفريقية، ويصعد للتواجد في أولمبياد باريس 2024، ورغم ذلك الجمهور المغربي لم يكن راضيا على الشرعي وطالب بالتخلي عنه وهو ما فعله فوزي لقجع بعد أشهر.
تم التعاقد مع المهاجم طارق السكتيوي الذي لم يكن مطلب الجماهير، وقيل بعدها إن المنتخب سيعود من دور المجموعات كما العادة ، لكن كل هذه الأمور لم تحدث وحقق الأشبال نتائج أكثر من رائعة رغم ما رافق ذلك من صعوبات الكل يعلمها.
الوصول إلى نصف النهائي يعتبر أفضل إنجاز حققته العناصر المغربية، حتى أن ويكبيديا كتبته في خانة الإنجازات على قلتها.
هذا هو تاريخ 20 عام من المنافسة، لم يدون فيه أي إنجاز ما عدا كأس الأمم الأفريقية و نصف النهائي في الأولمبياد، ولذلك فإن الثورة التي أحدثها وليد الركراكي في كأس العالم قطر جعلتنا عن جد نحلم و نتطلع إلى الألقاب و تحقيق النتائج وفي المقابل نفض غبار التواضع لسنوات، ونحلم بأن الإنجازات ممكنة وأننا قادرون على فعل ذلك .