التكوين إلى أين…؟
عندما نتحدث عن التكوين في العالم وجودة اللاعبين العالية، إلا ونتحدث عن أندية الدوري الفرنسي التي تنتج وتصدر اللاعبين لمختلف أندية العالم بسخاء و جودة عالية، هذا الأمر لا ينكره إلا جاحد، وهذا ما يميز التكوين الفرنسي على الآخرين، تكوين يجمع ما بين التنقيب خارج البلاد و التكوين الداخلي الجيد.
اليوم سنتحدث عن أحد الأندية الفرنسية العريقة التي لها باع طويل في التكوين و استقطاب المواهب، نادي ميتز الذي تأسس في العام 1919، وتخرج منه العديد من النجوم خاصة من القارة الأفريقية.
هذا الفريق تابعته مؤخراً عندما واجه نادي سانت إتيان الفرنسي، في مواجهة حسم الصعود إلى دوري الليغ 1، وما أثار انتباهي إن أغلب اللاعبين في هذا النادي من القارة الأفريقية، أكثر من النصف، بعد المباراة بدأت بالبحث عن جنسيات هؤلاء اللاعبين، اتضح لي بأن سبعة منهم في ميتز من السنغال و ثلاثة مع الخصم سانتيتيان، والغريب في الأمر أن هؤلاء اللاعبين من الدوري السنغالي، ولم يولدو هناك في فرنسا.
طبعا بعد البحث في الموضوع توصلت لنتيجة كون أن نادي ميتز ، يلقب بنادي السنغاليين” ويعتبر أهم محطة لعبور نجوم السنغال الشباب للدوريات الأوروبية الكبرى، حيث يضم 4 لاعبين ممن لعبوا بشكل رسمي وعمرهم ما بين 17 و 19، النادي الفرنسي اعتمد على التنقيب في القارة الأفريقية و عقد الاتفاقيات مع أكاديميات في السنغال و يفكر في مالي و الكونغو الديمقراطية في المستقبل القريب، لأن اللاعب الأفريقي هو الذهب الأصفر في أوروبا و الدجاجة التي تبيض الذهب.
نادي ميتز وقع اتفاقيات مع أكاديمية “جينيراسيون فوت” السنغالية، التي تخرج وتصدر النجوم موسميا إلى أوروبا، يتألقون اليوم في العديد من النوادي، وشكلوا نهضة منتخب السنغال و الكرة السنغالية ككل، أمثال ساديو ماني وإسماعيلا سار وديافرا ساخو وبابيس سيسيه وباب سار…
كما وجدت أيضا بأن نادي ميتز لا يعتمد السنغال فقط، بل وأصبح أشهر نادي مرتبط باللاعبين الأفارقة، حيث يضم 16 لاعب أفريقيا من جنسيات أخرى مثل الجزائر، ساحل العاج ثم غينيا بيساو، الكونغو الديمقراطية ، غامبيا، غانا والكاميرون.
واليوم وقع مع هذا اللاعب الموجد في الصورة، المدافع الواعد السنغالي ” ماودو ديانج ” صاحب الـ 18 عامآ لاعب نادي جينيراسيون فووت السنغالي، و القائمة مرشحة للاتفاع بحكم خروج بعض لاعبيه الذين سيتم بيعهم في الميركاتو الصيفي بعد نزول الفريق إلى القسم الثاني.
بالعودة الى البطولة الوطنية المغربية بمختلف الأندية و الأكاديميات، أكاد أجزم بأن هناك أزمة التكوين تتسع عاما بعد آخر، فلم أعد أرى المواهب في الدوري المغربي، أصبح العثور على لاعب جيد متكامل عملة نادرة جدا، الأمر الذي جعل الدوري يتراجع ويبدوا ضعيفا عاما بعد عام.
كما أن الأندية المغربية لم تستفد قط من الشراكات التي وقعت بين الطرفين وبقيت حبرا على ورق، وهنا أعطى مثالا جيدا على هذا الفشل ويتعلق الأمر بالاتفاقية التي وقعت بين الدفاع الحسني الجديدي ونادي مونوبوليي الفرنسي والتي طويت و أصبحت طي النسيان، كما أن الرجاء الرياضي وقع اتفاقيات كثيرة مع أندية أفريقية و أوروبية آخر ريال بيتيس الإسباني لكن من دون أي تأثير واقعي ملموس، و الأمثلة كثيرة في حين تستثمر الاتفاقيات بين الأندية الأوروبية و الأفريقية و تحول إلى أرض الواقع تضخ في خزينة هذه الأكاديميات و الأندية ملايين الدولارات ومنه يستفيد اقتصاد الدولة، بتحصيل العملة الصعبة و انتشال الكثير من الشباب و الأسر من الفقر، ثم تحول هؤلاء اللاعبين في المستقبل إلى مستثمرين كما حصل مع ساديو ماني و محمد صلاح و الأمثلة كثيرة.
خلاصة الكلام كل ثوة كروية يجب أن تخرج من الاعتماد على التكوين و تصدير اللاعبين نحو الأندية الأوروبية، غير ذلك قد تحقق بعض النتائج البسيطة لكنها ليست بالكبيرة التي يرغب في الوصول إليها كل مسؤول عن الكرة وكل إتحاد.