نكبة المنتخب الوطني المغربي ..كأس الأمم الإفريقية 1978 “سقوط البطل”

عبد اللطيف ضمير26 ديسمبر 2023
نكبة المنتخب الوطني المغربي ..كأس الأمم الإفريقية 1978 “سقوط البطل”
عبد اللطيف ضمير

بعد كل إنجاز مميز للمنتخب الوطني المغربي تأتي الانتكاسة، هذا المعطى رافق الأسود طيلة مشوارهم سواء في كأس الأمم الإفريقية أو كأس العالم، فبعد التتويج بكأس أفريقيا 1976، جاءت النكبة في غانا، في واحدة من أسوأ النسخ التي طبعت مشاركة أسود الأطلس بهذه المسابقة الإفريقية، خروج كارثي و صداع كبير بالبيت الداخلي مع المدرب الروماني الذي حقق الإنجاز الأول و الأخير للكرة المغربية أفريقيا، فبعدما دخل المغرب مرشحا فوق العادة ليعاود الكرة مرة أخرى ويكون فارسا أفريقيا الجديد وأسدها، خرج بخفي حنين و بمشاكل لا حصر لها، من الدور الأول، مع جيل من اللاعبين قيل عنهم إنهم أساطير كرة القدم المغربية حينها.
دخل منتخب المغرب “كان” غانا 1978، و الهدف الحفاظ على اللقب الذي تحقق في أديس أبابا، إلا أن الأمور لم تسر في الإتجاه الصحيح، وخسر المغرب معركة كانت في المتناول، فعند العودة إلى النبش في أرشيف المنتخب، يضتح جليا بأن التحضير القلبي لأي مسابقة يكون له تأثير كبير على النتائج المحققة، فإذا كان التحضير جيدا تكون النتائج كذلك، وإذا لم يكن كذلك فلا تنتظر نتائج جيدة، هذه المقولة يمكن تطبيقها على تحضيرات أسود الأطلس لهذه النسخة، لذلك كانت النتائج كارثية.
وقع الاختيار على الرباط العاصمة المغربية لدخول اللاعبين في المعسكر التحضيري، ولم تكن هناك محاولات لإقامة معسكر خارجي بأحد الدول الإفريقية، قيل إن الظروف التي طبعت الإعداد لم تكن جيدة، سواء على مستوى الإيواء أو التغذية، بالإضافة إلى ذلك لم يهتم المدرب الروماني جيل مارداريسكو، ببرمجة مباريات ودية مع منتخبات أفريقيا، مكتفيا باللعب أمام أندية الوداد الرياضي و الجيش الملكي، ثم فريق دينامو موسكو الروسي، وكلها اختبارات ضعيفة جدا، لأن المنتخب نفسه تشكل في أغلبه من لاعبي الجيش و الوداد، ورغم ذلك فقد خسر حتى في الوديات، وخاصة أمام الفريق الروسي و بنتيجة كبيرة على ملعب الحارثي بمراكش، في المرة الأولى برباعية لواحد و الثانية برباعية لصفر، ما يؤكد بالملموس بأن المنتخب لم يكن على استعداد لهذه النسخة.
ومن طرائف المعسكر، صرح لاعب الوداد الرياضي عبد المجيد سحيتة، الذي كان واحدا من أبرز لاعبي المنتخب الوطني المغربي حينها، للإذاعة الوطنية قائلا: «كيف يمكن مواجهة أقوى فريق أوربي ووجبة الغذاء التي تناولها لاعبونا عبارة عن لوبيا صلبة»، هذا الخروج الإعلامي كاد يكلفه عدم التواجد مع المنتخب ويمنعه من المشاركة في نسخة غانا، إلاأن إصرار المدرب الروماني حال دون ذلك ورافق سحيتة المنتخب إلى أكرا.
و بالوصول إلى غانا ستبدأ معركة أخرى أكبر مما حدث في الرباط و مراكش، فقد وضعت القرعة المنتخب المغربي في المجموعة الثانية، إلى جانب منتخبات تونس  والكونغو ، ثم أوغندا، وهي مجموعة في متناول النخبة الوطنية، فأوغندا لم تكن قوية وتونس أقرب إلى المنتخب الوطني المغربي على مستوى طريقة اللعب، فيما الكونغو واجهته الأسود في نسخ سابقة، فكانت كل المؤشرات تصب في مصلحة تأهل الأسود ثم نسور قرطاج التونسية، على اعتبار تتويج الأول بكأس الأمم الإفريقية و تأهل الثاني لكأس العالم بالأرجنتين.
و بالعودة إلى تفاصيل مباريات المنتخب المغربي في الدور الأول، فيمكن القول بأنها كانت بداية جيدة ومثالية، تعادل أسود الأطلس مع نسور قرطاج التونسية،وبعدها جاء الفوز على منتخب الكونغو بهدف لصفر من توقيع اللاعب عسيلة الذي سجل أيضا في شباك تونس، وبذلك أصبح وضع المنتخب الوطني المغربي مريحا ويحسد عليه، ولم يتبق له إلا الفوز على منتخب أوغندا المغمور أو التعادل على الأقل في آخر جولات دور المجموعات، إذ يكفيه التعادل أمام أوغندا لتجاوز الدور الأول و العبور نحو دور النصف.
قبل مواجهة الأسود للمنتخب الأوغندي الضعيف، قيل إن الأوغنديين نزلون إلى فندق الإقامة الخاص بهم محملين بأمتعتهم وحقائبهم، وأنهى مسؤولو منتخب بلادهم كل الاجراءات الخاصة بفواتير الفندق، إيمانا منهم بأن رحلتهم إنتهت هنا ولا أمل لهم للمرور إلى الدور الثاني، فمواجهة حامل اللقب و واحد من أهم المشرحين للفوز بالثاني، ستكون محسومة بلا شك لصالح المغرب، وبعدها سيجدون ربان الطائرة على استعداد بمطار أكرا لحملهم إلى ديارهم، إلا أن ما حدث في المباراة لم يصدق، فنصف ساعة الأولى كان كافيا ليسجل الأوغنديون ثلاثة أهداف في مرمى المنتخب المغربي، أمام صدمة و ذهول لاعبي المنتخب الوطني المغربي والطاقم التقني، قيل وقتها المقولة الشائعة في المخيال الشعبي المغربي “مسبق الفرحة بعام”، ففي ذهن المغاربة أوغندا في “الجيب” و العين على نصف نهائي كأس أفريقيا، لكن الملعب كذب التهكنات وحمل معه خيبة أمل كبيرة لن تمح.
انتهت مباراة المنتخب، خسارة بثلاثية قاسية، قيل حينها إن البث الإذاعي قد انقطع ولم يكمل المغاربة جمهورا المباراة، حتى لا يشاهدوا سقوط منتخب بلادهم على أراضي غانا، بعدما تحول الحلم إلى كابوس، ومن عاصر تلك الحقبة يحكي عن الموضوع بحرقة و ألم، مؤكدا بأنها سقطة تاريخية للمنتخب، ووصفها آخر بالنكبة، فلم تكن مجرد خسارة مباراة في كرة القدم، فقد خسر المغرب كأسا و جيلا وضيع عليه مجدا تاريخيا لم يكتب إلى اليوم.
قيل بعد الخسارة إن البيت الداخلي للمنتخب الوطني المغربي لم يكن منسجما، ولم يكن قويا من الداخل وطبعه التسيب في الفندق و الاحتجاج أحيانا على المدرب من قبل البعض، حيث اندلعت صراعات طاحنة بين اللاعبين و المدرب بسبب اختياراته في المباريات، فمنهم من طالب بالرسمية، فيما آخرون طالبو بإشراكهم في المباريات، فيما كان عدد من اللاعبين في حالة سكر طافح، وتم التراشق بالكؤوس والصحون وتعرض المدرب لجرح غائر.
غادر المنتخب الوطني المغربي المنافسات وعاد إلى المغرب محملا بخيبات الأمل و الذل و الانكسار، خرج بطلا وعاد بخفي حنين، سدد بلمجدوب فاتورة الخسائر المادية التي تعرض لها فندق رومانسيا بالعاصمة أكرا.
أصدرت الجامعة الملكية لكرة القدم قرارا بتوقيف كل من حسينة أنفال ومصطفى الطاهري وعبد المجيد ظلمي وجواد الأندلسي، بسبب التمرد على المدرب، قبل أن يصدر عفو ملكي و تنتهي العقوبة.

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

error: المحتوى محمي من النسخ !!