المغرب سبورت-ضمير عبد اللطيف :
قبل أيام أعلنت وزارة الداخلية المغربية في بلاغ لها عن منع تنقل الجماهير المغربية من مدينة لأخرى من اجل مساندة فريقها ، واعتبرت أن أمر التنقل يحدث الكثير من أعمال الشغب التي راح ضحيتها العديد من المواطنين ، والجماهير ، وهو الأمر الذي يبدوا غريبا مقارنة بالمقاربة الأمنية التي يتبناها المغرب أو التي يسير عليها في إطار نهجه الجديد.
وبالعودة إلى ثقافة الالتراس التي يرجع ظهورها الأول بالدوري الايطالي قبل أن تنتقل إلى جنوب الضفة ، وتحط الرحال بتونس قبل أن تدخل المغرب وتجد ضالتها ، فمفهوم الالتراس ليس مجرد مفهوم ، أو أي شيء أخر ، فالالتراس كما يقول أصحابها هي ثقافة تهدف بالأساس إلى تشجيع الفريق مهما كانت الظروف والدفع به نحو الفوز بالألقاب ، وهو ما بدا جليا للعيان من خلال الملاحم الكبيرة التي صنعتها الجماهير المغربية في مختلف المسابقات التي خاضتها الفرق المغربية ، بل حتى المنتخب المغربي أحيانا ، ففي 2011 وقبلها أبهرت التراس وينرز المساندة للوداد الرياضي كل العالم وساعدت الفريق على الوصول إلى نهائي دوري أبطال إفريقيا ، وظلت وفية وناضلت بعدها من اجل إسقاط الرئيس أكرم ، وبعدها ساندت الفريق الأحمر حتى حقق اللقب الثامن عشر السنة الماضية ، ولم تكن الوداد وحدها من توجت ، فالمجموعة التي اعتبرت أول التراس بالمغرب توجت كأفضل التراس في العالم بعد حلولها في المرتبة الأولى ، هذا دون أن ننسى حضور جمهور هيروكليس المبدع ، أو فاتال تايغر الذين دفعوا الفريق الفاسي إلى الظفر بثلاثية هي التاريخية في مسيرة النادي الأصفر ، هذا دون أن ننسى مشجعي الرجاء البيضاوي الذين صنعوا الملحمة العالمية بمراكش وأرغموا كل العالم على التغني بأمجاد الخضراء حتى باللغة الدارجة.
بالرغم من كل هذه الانجازات إلا أن وزارة الداخلية لم تنظر إليه واعتبرت أن مسالة منع التنقل الوسيلة الوحيدة الكفيلة بالقضاء على الشغب ،قد اتفق معها مبدئيا على هذا القرار ، بعد الأحداث التي رافقت الديربي وبعض المواجهات الأخرى ، على غرار ما وقع بطنجة واكادير ، خريبكة وغيرها ، ولكني سأنظر إلى الموضوع من وجهة أخرى ربما تبدوا لي أكثر ايجابية ، هو أن التنقل من مدينة إلى أخرى خاصة فيما يتعلق بجمهور العاصمة الاقتصادية ، تكون له نتائج ايجابية أكثر منها سلبية وان كانت تطفوا على السطح السلبية منها وننسى الايجابية ، فكل تنقل يخلق نوعا من الرواج الاقتصادي بالمدن المستقبلة ويعطي وجها آخرا للتآخي والتواصل مع الأخر ، هذا دون أن ننسى بعض المناوشات التي تسببها بعض الأفكار التي اعتبرها أفكارا هدامة ومتطرفة للغاية ، كما أن بعض الفرق التي لا تنافس على البطولة الوطنية لا تتمكن من استقطاب عدد كبير من الجمهور ، ولكنها عندما تستقبل فرقا كبيرة من حجم الوداد والرجاء ، الجيش الملكي واتحاد طنجة فالأمر يختلف تماما ، ويمتلأ الملعب بأكمله ما يعطي حماسا وجمالية للمباراة ونحن نهدف إلى تسويق منتجونا الكروي على نطاق أوسع بالعالم.
لقد كان على وزارتنا أن تتصرف بحكمة ورزانة حتى نتجنب خسائر كبيرة لمنتوجنا الكروي ، وان نضع في الحسبان المصلحة العامة فوق كل اعتبار ، وكان بالإمكان أن نضع بعض البدائل الأخرى مكان هذا الإجراء ، حتى لا يصيب منتوجنتا الكروي المريض الموت إلى الأبد.