يعد الرجاء الرياضي واحدا من ثلاثة على مستوى الدوري الاحترافي الوطني، الذي تمكن من الحفاظ على حظوظه كاملة في المنافسة على لقبي الكأس والبطولة المدرجين في الموسم الحالي. ورغم انتصار الرجاء الهام في وجدة في منافسات البطولة، غير أن التركيز، إعلاميا ومحيطا، ما زال منصبا على نواقص الفريق أكثر من الإيجابيات، على غرار انتدابات الفريق في الهجوم وعدم قدرة الفريق إلى حدود اليوم على بسط تفوقه المعهود على حساب المنافسين.
في ثقافتنا السائدة غالبا ما نركز على الجزء الفارغ من الكأس عوض ما امتلأ منه، فكما للرجاء في بداية هذا الموسم صعوبات تعترض طريقه، فإنه أفضل حالا بكثير مما كان عليه الموسم الماضي. فأزمة الفريق في 2007 الشهيرة احتاج فيها الفريق لموسمين من أجل تجاوزها بعدما خصص الأول بقيادة إيف شاي للبناء ولا شيء غير ذلك، أما على مستوى النتائج فالرجاء خرج آنذاك من دور المجموعات في دوري أبطال العرب وترك البطولة لتتنافس عليها الجيش والخميسات. الرجاء هذا الموسم، حقق بداية قطع فيها مع أخطاء الموسم الماضي الدفاعية الكثيرة مدرجا لاعبين ذوي مجال كبير للتطور على غرار بوطيب وبانون والسوداني وبولديني، بالإضافة إلى اعتماده على الإضافة النوعية لخبرة القادمين الجدد كالقديوي والزنيتي وأوال وجحوح مع استعادة المستوى المميز لعبد الكبير الوادي.
أما بالنسبة للجزء الفارغ من الكأس، فما يصلنا من تعاليق وما نسمعه في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي يهم نقطتين، انتدابات الرجاء في الهجوم والمستوى التقني للفريق. وفي الجزئيتين المطروحتين تتجسد مشكلة اختلاف كبير في الانتظارات بين المشرفين التقنيين بقيادة الهولندي رود كرول والمحيط الرجاوي الكبير جدا.
من أجل توضيح الفوارق، سنعود أولا إلى آخر مرحلتين زمنيتين من بضعة أشهر كان فيهما الرجاء على القمة وطنيا، أما الأولى فكانت مع بداية مشروع فاخر وانتصاراته المتتالية في بداية موسم 2012-2013 بطولة وكأسا والتي انتهت بالتتويج في الرباط على حساب الجيش بالركلات الترجيحية في نونبر 2012، آنذاك كان الفريق بسط سيطرته بفضل قوة شخصية مدربه ولاعبيه ونجاعتهم، مما أعطاهم أسبقية استثنائية نحو ما أضحى عالمية الرجاء الثانية في 2013. لكن ما الذي يمنع الرجاء من تكرار التجربة ذاتها؟ الإجابة تتعلق بالمساحة الزمنية.
فمشروع فاخر تم التحضير له بجزئياته الكبيرة والصغيرة في المرحلة الثانية من الموسم الذي سبقه، مما جعل الرجاء يضع يده على الانتدابات مبكرا ويبدأ مرحلة تحضيرية قبل الجميع بكامل عناصره جعلت الفريق يحقق انطلاقة صاروخية فاجأت المنافسين، الفريق كان جاهزا لحصد الأخضر واليابس يوم لعب في محمد الخامس أمام أتلتيك بلباو. بالنسبة لرجاء كرول فمجموعة من انتداباته حضرت بعد انطلاق المنافسات، والعديد من قراراته في إبعاد لاعب من عدمه اتخذ فقط مؤخرا، والدليل أن المدرب برمج بالأمس (الثلاثاء) مباراة ودية في إطار مزيد من التريث لحسم اللائحة النهائية.
أما المناسبة الثانية، فهي المرحلة التي تمكن الرجاء فيها، بقيادة البنزرتي، من العودة لمنافسة الماط على البطولة رغم فارق النقاط الكبير ذهابا، إذ تمكن الرجاء آنذاك من تجاوز منافسيه الواحد تلو الآخر دون مشاكل في تجسيد لتفوق ميداني كبير نتيجة وأداء. غير أن ما يغفله البعض أو يتجاهلوه، أن رجاء البنزرتي، عاش بدوره مرحلة صعبة مباشرة بعد المونديال وحتى بعد العودة من العطلة الشتوية حين بات غير قادر على التأقلم مع معطيات البطولة المحلية، إذ ظهر الفريق بالصورة نفسها للمرحلة الحالية واحتاج إلى أزيد من شهر لإيجاد الحلول بدءا بمباراة النادي القنيطري في البيضاء، كل ذلك، رغم توفره على نجوم وصلوا القمة عالميا أشهرا قبل ذلك. فالرجاء عاش آنذاك وعلى غرار ما يعيشه حاليا، مرحلة انتقالية عادية عاشتها من قبل الوداد عاما قبل ذلك.
إن مشكلة الرجاء الحالية تتجسد في اختلاف واضح للسرعات على مستوى التطلعات، إذ يؤمن المتابع بأن التركيبة البشرية الحالية، مع التوظيف الصحيح قادرة على تحقيق ما هو أفضل وهو شيء منطقي، وهو ما ينطبق أيضا على إيمان التقني بحاجة الفريق إلى شراء القليل من الوقت من أجل الوصول إلى القمة، فبرشلونة السداسية لغوارديولا خسر في مباراتين وتعادل مرة في أول أربع مباريات.